إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
290541 مشاهدة print word pdf
line-top
إظهار النكاح وإشهاره والشهادة عليه

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلنوا النكاح رواه أحمد .
ومن إعلانه: شهادة عدلين، وإشهاره وإظهاره، والضرب عليه بالدف، ونحوه.


قوله: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح ):
فلا يجوز إسرار النكاح، وذلك لأنه أولا: من أسباب الفرح، فالناس يسرون ويفرحون إذا رأوا حفلات النكاح، وثانيًا: أنه ربما يكون بينهما سبب محرم، فإذا أعلن عرف أن فلانًا تزوج بفلانة وكان عند إنسان خبر أنه رضع معها أو أن بينهما قرابة أو نحو ذلك، أفاد بالخبر الذي عنده.
الشرط الثالث: الشهود:
قوله: (ومن إعلانه: شهادة عدلين، وإشهاره وإظهاره، والضرب عليه بالدف، ونحوه):
كأن المؤلف -رحمه الله- يرى أن الإظهار والإشهار لا يكفي عن الشهادة، والمشهور عن مالك أنه يكفي الإعلان والإشهار عن الشهادة.

والصحيح أنه لا بد من الإشهاد عليه بشاهدي عدل على الأقل لكي يكون ذلك إعلانًا، ثم بعد ذلك إشهاره، وإظهاره في المجالس؛ حيث يتناقل الخبر بأن فلانا تزوج فلانة، ثم عند الحفل يكون الضرب بالدف، كما ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف .
والدف هو الآلة التي فيها جلد؛ لوح رقيق يختم أحد جوانبه بجلد مدبوغ دبغًا يسيًرا قد مزق أو زال شعره، إذا ضرب يسمع له رنين، أما إذا كان مختوم الجانبين فإنه يسمى طبلا والطبول منهي عنها، فلا يجوز استعمال الطبول. والدف يستعمل لأنه أخف ضربًا.
والحكمة في ضربه إعلان النكاح وكذلك أيضا إظهار شيء من الفرح والسرور، وذلك لأنه عليه السلام <متن_ح ربط=Hits200778.htm معياري=لما أخبر مرة بزفاف قال هلا أرسلتم من يقول أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم > لما أخبر مرة بزفاف قال: هلا أرسلتم من يقول:
أتيناكم أتيناكم فحيونـا نحـييكم
.
إلى آخر الأبيات- أو كما قال صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد (3 / 391- 4 / 77، 78) عن جابر رضي الله عنه.
ورواه ابن ماجه برقم (1900) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وتتمة الأبيات جاءت في رواية الطبراني كما قال الألباني في آداب الزفاف ص 181:
<شطر> لـولا الــذهب الأحمـ
[close]
<شطر> ر مـا حــلت بواديـكم
[close] <شطر> لولا الحنـطة السـمرا
[close]
<شطر> ء مـا سـمـنت عذاريكم
[close]

وقد ضعف الألباني هذه الرواية، ولكن وجد لها طريقًا أخرى عن عائشة يتقوى بها كما ذكر ذلك في الإرواء رقم (1995).
يعني رغبهم في أن يأتوا بمثل هذه التحيات والترحيبات، وما أشبه ذلك.
فهذا من إظهار الفرح ولا بأس به إن شاء الله، ولكن الناس توسعوا في هذه الأزمنة بحيث إنهم لم يقتصروا على الكلمات المباحة؛ بل استعملوا الكلمات الفاحشة فيذكرون في غنائهم العورات والاتصالات الجنسية، ويصفون محاسن المرأة أنها ذات كذا وذات كذا حتى يجلوها للناس، وكذلك يبالغون في المديح؛ يعني: في مدحه أو مدحها أو ما أشبه ذلك.
هذه المبالغة لا تجوز، وكذلك أيضا طول المدة؛ بحيث يمكثون مثلا إلى طلوع الفجر أو آخر الليل أو نحو ذلك، هذا أيضا ممنوع؛ بل الأصل أنها ساعة أو ساعتان يظهر فيها الفرح، ثم بعد ذلك يذهب الزوج بامرأته ويذهب الناس.

line-bottom